اعتدنا الظن أن علينا أن نحقق منجزات ونعمل كثيراً ونحصل على أشياء مادية لبلوغ حالة الرضا لدرجة تجعلنا ننسى أن الرضا الذي نبحث عنه موجود دائماً بالقرب منا، إن الحياة معلم رائع جداً في هذا الجانب، فعند معرفة تجارب الآخرين نكون أقل توتراً وأكثر اطمئناناً لأن هناك من مر بشيء ما قبلنا، ولأن البعض منا يطلق الأحكام ويعاني مشقة الحياة بدلاً من تجربتها، حيث إن معرفة تجارب الآخرين يحقق لنا جزءاً من التوازن النفسي، فعند النظر لتجربتك فقط في الحياة، والتفكير بنفسك طوال الوقت تصبح مشاعرك عشوائية وتبدأ تفكر بالتعاسة وأن كل شيء حولك يسير بدون رغبتك، هنا تكون قد فقدت سكينتك النفسية وانفصلت عن طبيعتك وزاد شعورك بعدم الرضا، والأكيد أن الرضا مرتبط بخبرة الشخص ومعرفته بنفسه جيداً، كذلك برغبته في الخِبرة السارة واستمرارها.
ويرى البعض أن معايير الرضا متشابهة، فالجميع يرغب في الحصول على المال، والصحة، وأسرة مترابطة، ووظيفة مرموقة، والإبداع، والإنجاز، ولكن في الواقع هناك اختلاف في مضامين الرضا بين الأفراد، فقد يرى مريض السرطان بعد أن تخف وطأة الألم لفترة بسيطة الرضا في لحظات الهدنة مع المرض، وقد يراها محروم من الأطفال لسنوات طويلة بطفل وحيد بعد حرمان، وهكذا.
ولكن البحث عن الرضا قد تكون فكرة ماكرة وتختفي من أمام أعيننا دون ملاحظتها، والبحث عنها يتطلب أن نفرق بين الأمل في الهدوء والسكينة والقناعة ومعرفة احتياجاتنا النفسية، وبين توقعاتنا الكبيرة منها، وبين فشلنا في الحصول عليها. لذلك قد نتجاهل الرضا كفعل ونبحث عن عناصره، ولأن أثمن ما يمتلكه الإنسان هو روحه وطمأنينتها لذلك كان الرضا أبلغ من السعادة في حياة الإنسان، وعندما تعيش في حالة عدم الرضا سيتداعى كل ما حولك وتبدأ بالشك في كل شيء من حولك حتى تذبل.
الواقع أنه لا يمكن إنكار صعوبة الحياة ولا يمكن تفادي الافتتان بها، ولكن نستطيع أن نربي أنفسنا على قناعات تخصنا ونعمل على معرفة أنفسنا وتحديد احتياجاتنا وعدم مقارنة أنفسنا مع الآخر الذي هو مختلف عنا بكل ما فيه والبحث دائماً عن منطقة الرضا حتى نصل إليها.