هل تستطيع أن تعيش بلا أحلام؟ وكيف تبرمج نفسك على الحلم ووضع الأهداف؟ وهل تؤمن بنفسك وبقدرتك على تحقيق حلمك طوال الوقت؟ لم يكن العظماء الذين سطروا تاريخهم بماء الذهب إلا أشخاص حالمون، والحلم هو الدافع الرئيسي للنجاح، فهو تلك الشعلة التي تنير طريق العظماء، والتاريخ شاهد على عظماء كثر حلموا فقط وتبعوا أحلامهم بكل عزيمة وإيمان وثقة، ولم يلتفتوا لكل من حاول تثبيط همتهم وحرف مسارهم، كان الحلم بالنسبة لهم مثل النجم القطبي في السماء الذي يدلهم على الطريق. والحقيقة أن دروس الحياة باهظة الثمن وما يحدث لنا الآن هو الذي يصنع الفرق، فالشخصية التي تتبع أحلامها لها سمات ومن أهمها الإصرار والإيمان بما يفعل وعدم الالتفات للمحاولات الفاشلة التي قام بها، و(أبراهام لينكولن) الملقب بمحرر العبيد كان نموذجاً جيداً للحالم المؤمن بحلمه، فقد ظل يحلم ويعمل ويحاول لأنه يرى نفسه ذلك العظيم الذي يبحث عن فرصته في الحياة، فقد فشل بالتجارة وعمره 24 سنة. وفشل مرة أخرى بالتجارة أيضاً وخسر كل أمواله وعمره 31 سنة ثم حاول مرة ثانية وعمره 34 سنة وفشـل وأصيب بانهيار عصبي في سن 36 سنة. ثم اتجه إلى السياسية ففشل بالانتخابات بدخول الكونجرس كعضو فيه وعمره 38 سنة، ثم فشل مرة ثانية أن يدخل الكونجرس وعمره 40 سنة، وفشل مرة ثالثة وعمره 42 سنة، ثم فشل مرة رابعة وعمره 46 سنة، ثم فشل مرة خامسة وعمره 48 سنة ثم فشل أن يكون نائباً للرئيس وعمره 50، ثم اختير رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وعمره 52 سنة. هذا الإصرار اختزل كل قدراته حتى أصبح عظيماً ووضع اسمه في سلة عظماء التاريخ، ولا ننسى الملقب بأديب البؤس (شارلز ديكنز) الذي ذاق مرارة الفقر وويلاته وعاش التفكك الأسري والضياع والرفض من أسرته وقد صوّر حياته المضطربة والمليئة بالإحباطات في روايته (ديفيد كوبرفيلد)، ومع كل التراجيديا التي عاشها في حياته إلا أنه كان متفائلاً وحالم بامتياز وكان لديه حدس خفي أنه سيصبح شخصاً غنياً ومشهوراً في يوم ما وكان له ما أراد في حياته، حيث إنه قبل موته أصبح أشهر رجل في بريطانيا، ومسرحياته يتسابق الناس عليها وكلماته تجري أمثلة على ألسنة الناس. ومثله الكاتب المعروف ”لوي تولستوي” مؤلف كتاب ”الحرب والسلام” طرد من الجامعة، ووصف بأنه غير قابل للتعلم، إلا إنه أصبح من عظماء الكتاب، والحقيقية أنهم اشخاص يؤمنون بأنفسهم وأن لديهم قدرات، وأحلام كبيرة هؤلاء انساقوا وراء أحلامهم وعاشوا بها، وكلما أحسوا أن أحلامهم بدأ يخمد لهيبها يعيدون تأجيجها بأحلام جديدة.

جريدة الرياض