ماذا يعني تقبل الآخر والتعايش معه رغم اختلافه عنا؟ إن قبول الآخر دلالة على العيش الصحي، وعلى الرغبة في الصلات الإنسانية والروابط الخاصة بذلك، فجميعنا نتعرض لمشكلات وأزمات بشأن تعاملنا ونظرتنا للآخر، ونشعر بالاحتياج والجوع العاطفي له إلا أننا بقرارة أنفسنا لا نريد التعامل معه بسبب اختلافه عنا وهذه صورة في العقل اللاواعي ترسبت عبر عادات ومعتقدات اجتماعية، لذلك كان لزاماً علينا الاحتفال بإنسانيتنا والعيش دون قيود أيديولوجية ومسلمات وقوالب، فقبول الاختلاف والتعايش مع من يختلف عنا يحتاج إلى تكاتف وجهد كبير يبدأ من الأسرة التي يفترض أن تربي أبناءها على الاختلاف منذ سنواتهم الأولى وغرس مبدأ تقبل الآخر بكل ما فيه من اختلاف فكري وغيره مع المحافظة على أفكارنا ومعتقداتنا التي نؤمن بها وذاتنا التي لا يجب أن تندمج مع الأخر ولكن تقبله وتسير جنباً إلى جنب معه، فالمجتمعات لا تنهض إلا بالاختلاف والتعددية، نحتاج أن نتعايش مع المختلف حتى نستطيع أن نقيّم أنفسنا ونقبلها بشكل أفضل فلقد أرهقنا العدو كثيراً في طرقات الحياة دون الإحساس بالآخر..
أتساءل: لماذا أصبحنا لا نجيد تعليق الأزهار لبعضنا، ولا نجيد احتواء الإنسان بداخلنا، لماذا أصبحنا كالعمر المسروق؟ ولماذا فشلنا في أن نستوطن في روح القريب منا والذي يشبهنا؟ ولماذا لا نرفع على وجه الدقة شعار أن: “معرفة الناس للتعايش معهم لا لتغييرهم”. أن نتعايش مع كل ما حولنا ونحب المختلف عنا، فللحب قوة عجيبة في قبول كل شيء حولنا وكل فرد مختلف عنا، فالحب يقرّب المسافات ويسهل العيش، لأن الإنسان يحتاج إلى فضاءات كثيرة ليبحث فعل فن العيش والتعايش والقبول، فالتعامل مع الآخر المختلف مثلما تلعب لعبة المكعبات تظل طوال الوقت تحرك ألوانها ولا تمل حتى تصل إلى مرحلة اصطفاف الالوان، وعندما تنجح تترك اللعبة وتمضي، بمعنى تصل لمرحلة التعايش بهدوء والاستفادة من اختلافه عنا، من قال أن الإنسان لا يستطيع أن يتعايش ويقبل اختلاف الآخر، يقول الله تعالى: “يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير”.. الحجرات (13).