حولت الكاتبة السعودية زينب إبراهيم الخضيري من خلال سطور وكلمات رواياتها «هياء»، القارئ إلى جزء من النص، عبر تطرقها لشخصيات، حتماً لها نظائر وأشباه، في دوائر علاقاته الضيفة، حيث اتخذت من الشخصية الأساسية للعمل الأدبي راوياً يسرد لمحات من الماضي المخبوء في صدور السابقين، وما كانوا يمتلكون من أحلام، مضيئة على شباب اليوم وطموحاتهم، لتغزل بخيوط الماضي نسيج المستقبل.
تتحدث الكاتبة في روايتها عن جيلين مختلفين، لكنهما عالقان في المشاعر نفسها؛ الحب والكراهية والفقد، البطلة (هياء) وأمها (شيخة) عاشتا في منطقة نجد تكابدان المشاعر نفسها مع اختلاف الزمن، ولم يستطع الزمن أن يمحو آثار الفجيعة والحرمان من نفسيهما، فالمشاعر كثيفة ومحتدمة وتمتد حد مشاعر الصداقة ما بين (هياء) وصديقتها (منيرة) التي كانت رمزاً للطهر والفرح والكفاح ولكن الزمن لا يحابي أحداً حيث تعيش (منيرة) ويلات المرض والفقد.
وتتطرق الرواية للمرض النفسي، والزواج بلاحب، والوحدة والأخوة التي غابت عنها شمس الحب.
شخصية الراوي
وتبدأ الشخصيات الرئيسية بالظهور بالتوالي، لتأخذ كل منها القارئ في عالم من الخيال، حيث تنسج من حواراتهم أحداثاً متشابكة، ومنهم الوالدة شيخة وشقيقتاها موضي ونورة والفتاة هياء والشاب الجامعي جمال وجدته، حيث تشترك هذه الشخصيات في محاولة الخلاص من قسوة الماضي وأسراره، والهروب إلى مستقبل زاهر بالدراسة والوظيفة.
اعتمدت الكاتبة بشكل بارز على 3 أجيال من الجدات مروراً بالأمهات والآباء وصولاً إلى الأحفاد، وبين تلك الأجيال تباينات ومفارقات، بحيث تمثل كل شخصية فكرة معينة، مرتكزة على حكايات متعددة، تأتي على لسان تلك الأجيال المختلفة، حيث تمثل شيخة صوت جيل مرحلة ما قبل النفط، فيما تجسد هياء وجمال صوت الجيل المعاصر.
تفاصيل
تعد رواية هياء باكورة الأعمال الروائية للكاتبة السعودية زينب إبراهيم الخضيري، بعد عدة أعمال أدبية نثرية وقصصية، حيث حاولت عبرها نسج الماضي بالحاضر، مقدمة للقارئ صورة من مجتمع الجزيرة العربية والأجيال المختلفة له.
وحاولت الكاتبة أن تراعي كافة التفاصيل التي تجعل من العمل الأدبي مميزاً عاكساً لجوهر مجتمعها، بدايةً من الغلاف الذي سيطر عليه لون البن المحمص، والباب القديم الخشبي على العمود الطيني بشارع ترابي مستهلك تطل عليه من الجهة المقابلة نافذة أو باب من جدار أبيض.
فكرة ورسالة
تدور الأحداث حول البطلة «هياء» التي لعبت دور الراوي في سرد ذكريات تفاصيل مرحلة طفولة والدتها شيخة وما عاشته من سنوات فقر في الريف المنعزل، التي شبت فيه وشقيقتاها موضي ونورة بعد أن خطف الموت والدتهن، حيث أبرزت معاناتهن مع قسوة زوجة الأب.
ولكن رغم ما تحمله الشخصيات النسائية في الرواية من أوجاع، إلا أن الكاتبة حاولت أن تجعل منها نماذج إيجابية، لتؤكد على فكرة أساسية عمادها أن جيل اليوم ذكوراً وإناثاً ما هم إلا صناعة المرأة، فالأم الريفية شيخة هي من صنعت الفتاة المتعلمة هياء، بحرصها على استكمال تعليمها رغم الظروف القاسية، والشاب جمال الذي تربى على يد جدته التي تمسكت بحلم أن يصل حفيدها إلى المرحلة الجامعية رغم كبر سنها.
27 أكتوبر 2020