لم يكن سارتر في كتبة “موتى بلاقبور ” و” الأيدي القذرة “و”الشيطان والإله الطيب” “والمومس الفاضلة” و “والحرب الغريبة” يكف عن التأمل والتعبير عن ذاته ووجهة نظره إزاء كثير من القضايا الوجودية والإنسانية , وهذه الكتب السارترية انتقلت لنا كرصيد ثقافي ناضج يعبر عن آراء حالية ومستقبلية وهموم وانشغالات وانثيالات فكرية لسارتر , هذا التأثير الذي وصل الينا مثل تأثير سارتر العالمي وفلسفته وأدبه كيف يمكن لنا نحن أدباء العالم الثالث أن نشق طريقنا نحو العالمية؟ قديماً كان التأثير الثقافي يأتي محملاً مع القوة العسكرية فعندما غزا الرومان اليونان تأثروا بثقافتهم، فالضعيف يتأثر بالقوي لأنه يمتلك مع قوته المادية إطاراً فكرياً مختلفاً و متقدماً, ولكن ما لذي يجب أن نقدمه ويكون محمولاً على جناج الثقافة؟ التقدم الحضاري للدول يسمح بنشر ثقافتها وبثها في الدول الأقل تقدماً والتمكن الفكري وثراء الموهبة تأثيره يصل حتى لو كان فردياً وهناك أمثلة فردية على ذلك مثل تأثر الشاعر الإيطالي دانتي عندما كتب ملحمته الرائعة “الكوميديا الإلهية” بالإسراء والمعراج التي قام بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم , وفي رواية أخرى أنه تأثر برائعة ابي العلاء المعري “رسالة الغفران”. فالثقافة والأدب هي الذاكرة التي تحفظ الوجع والفرح عميقاً في روح البشرية , وهي التي تقضي على العنصرية التي تغرق المجتمعات في شبه موت دماغي في حين يجب أن نكون في نظام اجتماعي مدافع ومنتج بشكل متقدم .التواصل الثقافي ضروري لصناعة حوار فكري وهو الدور المنشود في المرحلة القادمة نظراً لغرقنا أو محاولة اغراقنا في الإيديولوجيا التي تمسخ بشريتنا وتجعلنا نعيش في صراع مع الآخر دون وجود مبررات حقيقية, لأنه مازال هناك فئة تختنق بالبديهيات , وتغرق عند شاطئ مفهوم أو كلمة , وعندما نحاول ان نتعرف على أي شعب فنحن نقرأ ادب ذلك الشعب لنقترب منه. فالأدب يوطد العلاقات بين الشعوب ويشرحها يقول غوتة: “اننا نود أن نعيد الى الأذهان من جديد ان
مسألة توحيد العقليات الشعرية امر مستحيل. فالحديث هنا يدور حول تعريف الشعوب بعضها ببعض، وليس عن أي أمر سواه. وحتى إذا اخفقت الشعوب في اقامة علاقات محبة متبادلة فيما بينها، فإنها ستتعلم في الأقل كيف تتحمل بعضها بعضاً”.