فجأة تبدلت ملامح الحياة بطريقة سريعة وغير متوقعة، والهلع يسيطر على الكل، وهذه حال البشر في الأزمات قد يسيطر عليهم الهلع مثل هلع الشراء أو غيره، ونحن الآن خاضعون لسطوة الإرادة والخروج عن المألوف والفاعلية الروحية في هذه الظروف الاستثنائية، كيف تفعّل إرادتك وتهزم الملل؟ فلا يمكن أن تكون إنساناً قوياً إلا عندما يكون هناك تبادل صارم بين التفكير والفعل، فإدارة النفس وضبطها هي ما نحتاجه في حياتنا، والتعامل بإيجابية مع الأحداث اليومية وخاصة في هذه الظروف العصيبة هي حالة يجب أن تنبع من العقل والتفكير المستمر في كيف تقضي وقتك وتطور نفسك وتنتظر الأفضل، وهذا ما يسمى بالتفاؤل، مع أننا درجنا في المجتمع على تسمية الشخص المتفائل المنطلق بحياته نحو الأمام بإنسان ساذج وغير واقعي، وأن التفكير التفاؤلي شيء يأتي من القلب، وعادة الأشياء التي تأتي من القلب لا يعول عليها في الحياة، إلا أن الإنسان التفاؤلي عادة يكون على وعي تام بأهمية التفاؤل كترياق للروح، لذلك يدخل حرباً عنيفة مع الجانب التشاؤمي منه يحاوره ويناظره، فيخلع نفسه ويضعها أمامه وينظر إليها وكأنها لوحة بيضاء فارغة، ويتخيل الشكل الذي يريده منها، وقد جاء في كتاب دكتور (مارتين سيليجمان) “التفاؤل المكتسب” وهو عن دراسة قام بها على مدى سنوات حيث يدرس الرياضيين المحترفين والهاوين وبائعي وثائق التأمين والسياسيين الذين يتنافسون على المناصب الكبرى، وقد أثبتت دراسته أن أداء المتفائل يفوق أداء المتشائم بشكل كبير.
وهذه الدراسة توضح لنا إلى أي مدى أن الاختيارات (متشائم، متفائل) هي التي تحدد مدى عقلك وسعادتك، فالإنسان المتشائم يلتفت إلى مدى حدة أشواك الوردة لا إلى جمالها، وهذه النظرة مغروسة في عقله اللاواعي الذي لا يرى إلا الجانب السيئ من الأشياء، والأكيد أن الجانب السيئ في هذه الجائحة العالمية كوفيد 19 قد تمتد شهوراً، ولكنها بالتأكيد ستنتهي، وتنتهي ونحن مررنا بتجربة فريدة أتمنى أن تخلق معانيَ وقيماً وأفكاراً وأنماطاً مختلفة للحياة الإنسانية.