كنت في فترة من مراحل عمري مولعة تحديداً بالكتب التي تتحدث عن تطوير الذات وتنميتها، والنظريات التي تجعل روحي أقوى وعقلي أكثر تركيزاً وأصفى، فكنت أقرأ في كل كتاب يجعلني أتقدم ولو ربع خطوة للأمام ويعلمني، فغنائمي من الكتب برأيي في ذلك الوقت ستكون سبباً في تحييد أفكاري وتقويتي من الداخل، كانت تلك الكتب تحديداً تثير مشاعر جياشة بداخلي لأنها كانت تعلمني، إلا أنني اكتشفت فيما بعد أن أفضل الكتب عن تنمية الذات وتطويرها لا تتماشى مع المشاكل التي يعانيها كوكب الأرض، وبالنظر للمجتمع يتضح أننا نعاني من مجموعة القيم والمبادئ والصور الذهنية التي تسلَّلت من الثقافات الغربية لمجتمعاتنا العربية، وأصبحت حياتنا تسير طبقاً للمعايير الغربية والتي تختلف اختلافاً جذرياً عن حياتنا ومبادئنا وتوجهاتنا، فالهدف من الحياة هو كيفية تنمية ذواتنا، ومواجهة الاكتئاب والإحباطات والتحديات والعمل وأن نكون إضافة لا تكلفة على مجتمعاتنا، أما على الصعيد الشخصي فهو كيف نرفع منسوب السعادة والأمان؟ لذلك كان لابد من تثمين الوعي وإعلاء شأنه، فمن خلال البحث عن الحقيقة، والإرادة والقدرة على الثقة بالذات ثقة لا تضر أو ليست ثقة الجاهل بل ثقة العارف بخوافي الأمور من المعرفة والعلم والقدرة على استنطاق الواقع كما هو لا كما نريد، فالبعض لا توجد لديه حمولة معرفية واضحة، ولا يساعد نفسه بالتزود بالمعرفة في كل حين، واليوم نتاج العقل البشري مذهل لذلك لا ينبغي أن نخشاه، ومن كل العلوم الإنسانية والاجتماعية، وإنما ينبغي أن نستفيد منها بثقة وموضوعية ونساعد في نشرها واحتوائها وتطبيقها، وهذا كفيل بأن نحصن مجتمعاتنا من الداخل والخارج، أما التحصين الداخلي فهو يبني الذات ويقيها ضد الهيمنة والتبعية الخارجية، وهذا ليس فقط جهداً شخصياً يتحمل مسؤوليته الفرد، ولكنه جهد يفترض أن يكون مؤسساتياً ينطلق من أولى مراحل التعليم وحتى نهاية آخر سلم فيه لنحمي هويتنا الثقافية، والتأكيد على هويتنا المعرفية من خلال استراتيجيات وأطروحات وأنظمة وإجراءات محددة وواضحة ومكتملة تكون قابلة للتطبيق بسهولة، لأن الحاجات البشرية تظل تتجدد وتتغير ومواكبتها ضرورة.