كل إنسان بحاجة للحب، وفطرة الإنسان محبة، وفي حالة بحث دائم عن الحب، فالحب ينبع من القلب، وعندما نكون بحضرة أشخاص يحبون بعضهم فنحن نلتقط طاقتهم المُحِبة، ففي حالة الحب نشعر بالتحرر والامتنان للحياة، ونسعى لأن يكون كل ما حولنا جميل، ويتحدث الدكتور جوزيف كلاس في كتابه “القلب بين الطبيب والأديب” عن قصة مريض -وهو طالب عمره ثمانية عشر عاماً- تعرض لحادث دراجةٍ ناريةٍ كان يركبها، فأصيب بكسرٍ في الجمجمة، ودخل في سباتٍ عميقٍ، وكان منظره على سريره في المستشفى تحت جهاز التنفس الاصطناعي وما أصاب وجهه من تشوهات يبعث على التشاؤم، وقد نصح الطبيب المعالج أباه وأمه وأفراد أسرته أن يكلموه، ويقبلوه، ويغمروه بحبهم كما لو كان في تمام وعيه، وكان طبيبه في كل زيارةٍ يناديه باسمه، ويقول له: “بمقدورك أن تشفي نفسك”. وبعد شهر من الرعاية، عاد للمريض وعيه، ومع المعالجة التأهيلية تماثل للشفاء، وبعد أربع سنوات عاد ليزور طبيبه وبصحبته زوجته وابنته، كان فعل الحب هو البطل في هذه القصة، فالحب متعاون يصون نفسك، يجعلك سمحاً دافئاً ممتناً وصافي الذهن، ولكنه يحتاج إلى أن تظهر طاقة الحب، وبمجرد أن تظهر عليك تلك الطاقة ستهدأ روحك وتشرق نفسك، فالحب يُصلح الإنسان من الداخل قبل أن يُضفي عليه توهجاً خارجياً أشبه بالنور، والقلب هو أداة الارتكاز التي تصوغ المشاعر بعد أن يوافقها القلب، والحب يتناسب مع كل فعل جميل يتبعه سلوك لطيف، فهو حالة وجود تجعلك متصالحاً مع ذاتك ومع الكون، والحقيقة أنه كمفهوم لم يتم الحسم فيه حتى الآن بشكل واضح، ولا يمكن الجزم بوجود الحب وتخيله فقط، ولأن أفعال الإنسان مرتبطة بشروط وقوانين سابقة وهذا ما يطلق عليه الحتمية، ومن هذا المنطلق لو كان الحب موجوداً داخل الإنسان حتماً سيغير أفعاله إلى الأفضل بناء على الحتمية، فكل رغباتنا وسلوكنا وأفعالنا تنطلق من شعور داخلي غامض وزئبقي، ولو ملأنا داخلنا بنفحات وإيمانيات الحب لانعكس ذلك على حياتنا، يقول سارتر: “إن الإنسان محكوم عليه بالحرية”، وهنا أضيف لسارتر وأقول: إن الإنسان محكوم عليه بالحب أيضاً، ولا يجب أن نؤطره ونقولبه حسب الأمكنة والأزمنة بل يجب أن يكون نافذاً كالضوء وكالحقيقة في فم حكيم، ولكن كيف هو الحب في حياتنا اليومية؟ وكيف يمكن أن نساهم في جمال العالم؟ الواقع أننا كلما استيقظنا من نومنا كلما كانت لدينا فرصة في تحسين هذا العالم وزيادة جماله من خلال سلوكنا اللطيف، وكلما أعطينا الحب كلما وجدنا أنفسنا محاطين بالحب، فالحب فضيلة لا تتمحور حول شخصين فقط، بل يمتد إلى الحب كقبول وتسامح وتقدير طاقةٌ محفزةٌ للاحترام والشجاعة والحفاظ على الصداقة، فالحب هو أسلوب حياة، وهو طاقة تدفعنا للتغيير من دون بذل جهد كبير.
الإشتراك
تسجيل الدخول
0 تعليقات