وأنا أستمع لأغنية فيروز “كيفك إنتَ؟” كانت تدور في ذهني فكرة، كيف أصبحنا من الداخل بعد عام محتقن وبداية عام جديد؟ كيف أحبابك وأصدقاءك؟ وهل استوضحتَ مشاعرك فعلاً تجاه كل ما حولك؟ تشغلني فكرة المشاعر التي تضرب جذورها أعماق الروح مثل شجرة عملاقة، وتقلقني مشاعر الحب التي سُطِحت أو تسطحت بفعل الاستهلاك، هل تعلمت كيف تتعامل مع مشاعرك؟ وهل اكتسبت صفات جديدة كأن تصبح أكثر حباً وتسامحاً وتجاوزاً لعثرات الآخرين؟ وهل آمنت بالحب بمعناه الأعمق وليس معناه المفرغ من محتواه؟ وهل فكرت في شخصيتك وبالحب كمكون من مكوناتك الشخصية؟ بمعنى، في خضم كل هذه التحولات والتغيرات في الحياة هل هناك عودة للروح وتأطير لحياتك من منظور روحي ينعكس على السلوك، فالحب سلوك ثقافي قبل أن يكون شعوراً عاطفياً داخلياً وفردياً، حيث يتشكل لدينا تصور فكري عبر التنشئة الاجتماعية عن الحب والتعاطف، كفضيلة وحكمة، وفي الواقع لا أنكر أبداً دهشتي عند قراءة كتاب يتحدث عن الحب كشكل من أشكال التعبير عن الغرائز، حيث في القرن التاسع عشر قام الفيلسوفان هوسرل، وميرلوبونتي، بالدعوة إلى تحرير الشعور، مما أفسح المجال أمام كل أنواع التعابير الجسدية كالموضة والرياضة والرقص، حيث تحول التعبير عن الحب إلى تعبير عن اللذة..! الأكيد أن الضخ الإعلامي والتسطيح الاستهلاكي للمشاعر يعود من جديد ويُعاد إحياؤه كل فترة من خلال الدعاية والإعلان، وكأننا نعود أدراجنا ونعيش في القرن التاسع عشر، فالمشاعر لها رسائل، ورسائل الحب تجعلك تنظر للحياة بشكل أكبر، حيث تيار العواطف الداخلية والذي يؤثر على النظرة وبالتالي السلوك الفردي، فالحب يرتبط ارتباطاً وثيقاً في نظرة الفرد الإيجابية للحياة، فهو لا يؤثر على العقل وطريقة التفكير فقط ولكن يجعل للإنسان أهدافاً أكبر من تحقيق الأمنيات، فهو يمتد نحو الآخر والأشياء ويجعل صاحبه أكثر توازناً وثقة، ويحقق هرم الاحتياجات الثلاثة للحب، فيصبح الإنسان قادراً على العطاء أكثر ويصبح ذهنه مهيأ للإبداع. وميزة الحب هي تحقيق الرضا الذاتي وهذه أعلى درجات الحب، فهو يبني مجتمعاً متوازناً وإيجابياً. وهنا تحضر مقولة لجلال الدين الرومي: “لا يهدأ قلب العاشق قط ما لم يبادله المحبوب الوله، وحين يشع نور الحب في القلب فذاك يعني أن هناك إحساساً بالحب في القلب الآخر”.