اتفقت مع صديقة لي أن نلتقي في الصباح الباكر لنفطر في مكان هادئ نستشعر رائحة الصباح وعبق البكور في مكان أجواؤه هادئة ومنعشة، وعلى حين غرة وقبل موعد انطلاقنا في الصباح الباكر، وجدت صديقتي تتصل بي وتقول: “لن أتمكن من الذهاب معك لتناول الفطور، لأن ابنها حرارته مرتفعة ولا تستطيع تركه”. ذهبت بمفردي وجلست على طاولة مقابل زجاج يكشف أمامي الشارع كاملاً، وعلى الرغم من أن الوقت مبكراً إلا أن السيارات كانت تسرع في الشارع وتتكدس وكأنها قطار طويل، كان المشهد مهيباً من خلال الزجاج، ومن المؤكد أن الجموع الغفيرة من الناس وهذه السيارات المصطفة موجودة بسبب أشياء ضرورية لا يمكن تأجيلها، فالناس مختلفون وكذلك المجتمعات فكل مجتمع له أساليب عيش سائدة عبر الزمن مثل (العمل، التعايش، الاستهلاك، الهوايات) وتلك المتعلقة بالأشياء الوجودية كالموت والحياة ونظرتها الخاصة لها، وهذه الأساليب تتغير تدريجيًا عبر الزمن، لكن هذه التغيرات غالبًا ما تمر دون أن ينتبه إليها أحد. فعندما أحاول ترك بعض التفاصيل جانباً وأغوص قليلاً في الحالة الشكلية للإنسان عندما يتعامل مع حياته بطريقة احتفاظه بطريقة عيشه ورفضه التغيير، تتجلى الحالة التآلفية ما بين الروح والكون الذي لم يترك فراغاً لفناء القناعة فقط، ولكن لابد من وضع قائمة الأولويات والتضحية بشيء مقابل شيء أكثر أهمية لك، وفي قلب الحياة المرصوف بالتغيرات والتصادمات والخضات الاجتماعية والاقتصادية تتسلح الروح في شكل عفوي لمواجهة كوارث الحياة، فثمة حركة متسارعة لكل ألوان المشاعر في الحياة يعبر عنها بالمواقف وبالكلمات، واللفتات والإيماءات، فتصبح الحياة أكثر تشويقاً، ووسط هذه التهويمات هل تشعر بأنك ضحية لنفس الحلول الاجتماعية؟ هل أنت ضحية لقراراتك؟ وأتساءل عن إمكانية وجود صيغ أخرى نتشارك من خلالها الحلول فلا بد أن ننتبه إلى مناطق الظل التي تخلقها رؤيتنا، في تلك اللحظات استحضرت أحاديث صديقتي التي تبحث عن السعادة دائماً، وسؤالي لها هل تؤمن بوجود سعادة مطلقة؟ لم تكن تجيب على سؤالي، ولكني قارنتها بحالة شوبنهاور (Schopenhauer) كان يكتب في كتبه وصفات للسعادة لكي يخرج من كآبته وتشاؤمه وشراسته وبعده عن الناس حيث قدم (50 قاعدة للحياة) فهو لا يؤمن بالسعادة المطلقة ولكن يؤمن بأن هناك طرقاً معينة للتخفيف من مصاعب الحياة.
ولكن ماذا عنكم أنتم.. هل تجدون سعادة في التأمل؟جريدة الرياض