مقدمة:
منذ فجرٍ البشرية، انطلق الإنسان يسعى في الأرض؛ ليجيب عن التساؤلات الوجودية التي تدور في خلده.. من أنا؟ ما ماهية الأرض والكون؟ لماذا أنا هنا؟ من أين أتيت؟ ما هذه الأشياء من حولي؟ وكثير من الأسئلة التي كانت تدور وتدور في عقله، ولكن لم يملك وسيلة أو طريقة للإجابة عن تساؤلاته، فالإنسان بخلاف بقية المخلوقات مخلوق لغوي، اللغة لديه تواصلية وأكثر من ذلك كما يقول تشومسكي؛ إذ يدور من خلالها التفكير، ومن هنا كان الإنسان العاقل كائنًا لغويًا، ولم تكن اللغة لديه تفاعلية فحسب كبقية المخلوقات. في الغابة ستلاحظ قطيعًا من الظباء يعبر قرب النهر فيلحظ أحدها نمورًا تتربص بالقطيع، فيصدر صوتًا فزعًا، فتعرف بقية الظباء أن ثمة خطرًا بالقرب، فقط هكذا فهمت وتفاعلت مع الصوت من دون أي تفسيرات يقدمها أول ظبي أصدر الصوت، وهكذا تسير بقية الأمور، فثمة أصوات وتعابير تعبر عن حوادث كإشارات يفهمها الجميع من دون لغة حوارية، وهذه تقريبًا تجمع جميع المخلوقات ما عدا الإنسان. أما الأمور فتسير لدى بني البشر بطريقة مختلفة، وعلى مدى الزمن كوّن الإنسان الأول لغة وكلمات (مفاهيم) توافق مع بني جنسه على معانيها ومدلولاتها حتى يتمكن من التعبير والتواصل معهم بكل سهولة، ثم ما لبثت الأجيال التالية حتى أضافت ووسعت دائرة هذه المفاهيم والمدلولات، وأضافت قائمة أوسع من الجيل الأول، وهكذا جيلًا خلف جيل حتى تشكلت لغة حوارية متكاملة، يتداولها مجموعة من الناس في مكانٍ ما وفي زمانٍ ما، وأخذت تتشكل هوية هذه المجموعة من الناس أو تلك على أساس لغتهم ومنطقتهم وعرقهم، ولكن لأن الحياة بطبيعتها قاسية متغيرة المناخ والفصول والأحداث، فقد دفعت الإنسان إلى السعي الدائم؛ بحثًا عن أسباب الحياة، ولتوافر متطلبات الحياة في الأماكن التي تتكاثر المياه اندفع الإنسان يستكشف أماكن كثيرة ومختلفة، ويتعرف كائنات ومخلوقات جديدة فاحتاج إلى مفاهيم جديدة تطرد مع التطورات والتحولات، فطفق يوسع دائرة مصطلحاته ويضيف إليها مصطلحات أخرى غير التي ارتبطت بالأماكن الأولى التي كان يسكنها، ومع مرور الزمن وتعاقب الأجيال تشكلت مجتمعات منفصلة عن الأخرى، مجتمعات لها عاداتها وتقاليدها ومفاهيمها وكذلك لها لغاتها الخاصة. فكانت اللغة هي المحور الذي تدور حوله الهوية، والهوية هي الانتماء لإرث يمثل الكينونة الجمعية والذات الفردية.
وتأتي هذه الورقة لتناقش المحاور الآتية:
- مفهوم اللغة والهوية.
- العلاقة بين اللغة والهوية.
- القواسم المشتركة بين اللغة والهوية.
- اللغة والثقافة والهوية.
- الحروب والهوية واللغة.
- تحديات اللغة والهوية.
العَلاقة بين اللُّغة والهُوِيَّة:
دأبت الشعوب في المحافظة على تميزها: ثقافياً، واجتماعياً، وعقدياً، وتاريخياً، من خلال الحرص على تكوين هوية تساعدها على التفرد، لأنها ترفع نسبة الوعي بالذات، وتمنح الشعوب التميز من بعضها البعض، فالهوية تجعل الفرد يتمتع بخصوصية تعكس لغته، وعقيدته، وثقافته، وتاريخه، كما أنها همزة الوصل بين جميع الأفراد، سواء داخل مجتمعاتهم أم مع المجتمعات الأخرى.
ومنذ تشكل أولى المجتمعات والتجمعات البشرية، كانت اللغة هي رمز الهوية، وهي البوابة لمعرفة هوية الشعوب، وتعرّف ثقافاتهم وعاداتهم، فعلاقة اللغة بالهوية هي علاقة أكبر من مجرد علاقة الجزء بالكل، إذ هي الإطار الهووي، والسماط الذي يبطن عمق الذات، وبها تتكون الخريطة الذهنية.
وعلى الرغم من أن اللغة غير كافية وحدها؛ لتعرّف طبيعة الشعوب واختلافاتهم، لكنها قارب قادر على إيصال الراغبين في المعرفة إلى ضفة نهر الحقيقة والجوهر، لقد برع الإنسان في جعل اللغة فنًا محتفظة في الوقت نفسه بوظيفتها التواصلية، فنًا بإمكانه من خلاله التعبير عن جميع مشاعره وأحاسيسه وأفراحه وأتراحه، بإمكانه من خلال اللغة أن يجعل قاعة تعج بمئات الأشخاص أن يبتهجوا طربًا لقصيدة ما، أو ينفجروا ضحكًا من خلال بضع كلمات في نكتةٍ ما.
إن العلاقة بين الهوية واللغة هي علاقة الأنا الفردية بالأنا الجمعية، ولو افترضنا أن إنسانًا نشأ في مجتمع مختلف عن مجتمعه الأصلي، لتطبع بطباع ذاك المجتمع ونشأ نشأتهم، حتى وإن كان لا يحمل نفس الجينات التي يحملونها في ذلك المجتمع، إذ إن اللغة تؤدي دورًا رئيسيًا وبارزًا في تشكيل هوية الفرد وتحديد هويته الثقافية والمعرفية والتاريخية. وقد ظلت المجتمعات البشرية على مدى العصور تتشكل هويتها عبر لغاتها الأم، وأيضًا تشكلها الأمم القوية والتي تغلب لغتها على بقية لغات المجتمعات الأخرى؛ فحينما ساد الإغريق كانت اللغة الإغريقية في العلوم والمعرفة وبها تطور الإنسان معرفيًا ولغويًا وطبيًا وحسابيًا، وعندما أفلت الحضارة الإغريقية ضعفت تلك اللغة ولم تعد كما كانت رافدًا قويًا للعلوم، وهكذا حدث مع الإمبراطورية الرومانية والفارسية والإسلامية…إلخ، والآن سادت اللغة الإنجليزية وباتت لغة عالمية، وصارت اللغة المسيطرة على كل العلوم والمعارف، وأصبحت اللغة المشتركة بين شعوب العالم. إذًا فالقوة تؤدي دورًا هامًا في تطور هوية ولغة الإنسان وتؤثر تأثيرًا كبيرًا في تاريخه وفي تشكيل هويته.
مفهوم اللغة والهوية
لم يختلف العلماء في موضوع كما اختلفوا في متى وأين نشأت اللغة؟ ومن المعروف أن لا دليل يؤكد أين ومتى نشأت اللغة، وكل ما يمكن التأريخ له هو اللغة المكتوبة والرسومات والرموز على جدران الكهوف والصخور والمقابر، التي لم تظهر إلا بعد آلاف السنين من ظهور اللغة المنطوقة، وتداول الإنسان لها، أي: إن اللغة المكتوبة هي تراكم خبرات ومعارف ومفاهيم الإنسان على مر العصور وامتداد الحضارات في الشرق والغرب، وعبر دراسة الحضارات المختلفة؛ كحضارة بابل والحضارة المصرية والإغريقية والهندية والصينية والحضارة الرومانية. كان العلماء منشغلين بفكرة: متى نشأت اللغة وأين؟ وكيف تطورت واختلفت اللغات؟
يعتقد الباحثون أن الكتابة لم تظهر، إلا بعد نشوء اللغة المنطوقة بآلاف السنين. إن السجلات المكتوبة الأولى -المعروفة حتى الآن- هي صور الكلمات السومرية الموضوعة في حوالي عام 3500 ق.م، والكتابة الهيروغليفية المصرية التي تعود إلى عام 3000 ق.م. تقريباً. وتعود الصينية المكتوبة إلى حوالي عام 1500 ق.م. والإغريقية إلى عام 1400 ق.م.، على وجه التقريب، واللاتينية إلى حوالي عام 500 ق.م. ولكن نشأت اللغة لا يمكن أن تكون
وقد عرف العلماء اللغة بعدة تعريفات ومن عدة أوجه، فالبعض حصر اللغة في الألفاظ والتراكيب اللغوية فحسب والبعض الآخر وسع اللغة لتشمل كل أشكال التواصل مع الآخر بما في ذلك اللغة المكتوبة والمقروءة واللغة الجسدية والإيمائية واللغة البصرية وغيرها من أشكال التواصل فلكل مجتمع مجموعة من الإيماءات والحركات المتفق على معانيها تختلف اختلاف كامل عن المجتمعات الأخرى.
فاللغةُ هي النّاطقُ الرّسميّ بلسان الهويةِ ووسيلَةُ إدراكِ العالَم وتصنيفِ المُجتَمَعاتِ، ونظراً إلى خَطَرِها وشموليتِها فهي مَسؤوليّةُ كلِّ الجِهاتِ التي تُكوِّنُ عَناصرَ المُجتَمَعِ، مَسؤوليةُ المَجامعِ ومُؤسَّساتِ التّربيّةِ وأجهزةِ الإعلامِ والمُنظَّماتِ الثّقافيّةِ ووُجَهاءِ الأمّةِ وبُسَطاءِ العامّة (1).
وأضيف على هذا التعريف أن اللغة هي الوسيلة الأفضل للتّعبير عن كل ما يختلج داخل الانسان من مشاعر واحتياجات، فالتواصل بين البشر لا يتم إلا من خلال اللغة
وهي عند الإمام ابن جني: “أصواتٌ يعبِّر بها كلُّ قوم عن أغراضهم(2).
كذلك هي تعبر عن طريقة تفكير الشعوب، وهي تكشفُ بوضوحٍ ثقافة وهوية الشعوب باختلافِ زوايا النَّظرِ إلى اللُّغة، لذلكَ كل تعريف للغة أياً كان سيكون متكامل لا متقاطع مع كل تعريف لها. فاللغة هي منظومة من مبادئ وأسس وطريقة حياة وتفكير فهي كل مكتمل يؤثر ويتأثر.
أما الهوية:
تحدد خطوط الهوية الإنسانية بمعالم كثيرة منها الخطوط الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والخطوط الثقافية، وتتشكل الهوية لأي شعب بالإنتاج الاقتصادي والفكري والثقافي وكل هذه العناصر تحمل الهوية ذات البعد المركب والمتعدد، فهي ليست ذات أحادي ثابت فالبعد الواحد، يقتل الهوية ويمنع انفتاحها وقدرتها على التجديد والتواصل مع الآخر.
وقد عرفت
الهويّةُ بأنّها مجموعةٌ من المُميّزات التي يمتلّكها الأفراد، وتُساهمُ في جعلهم
يُحقّقون صفة التفرّد عن غيرهم، وقد تكون هذه المُميّزات مُشتركة بين جماعةٍ من
النّاس سواءً ضمن المجتمع، أو الدّولة. ومن التّعريفات الأُخرى لمصطلحِ الهويّة
أنّها كلُ شيءٍ مُشترك بين أفراد مَجموعةٍ مُحدّدة، أو شريحة اجتماعيّة تُساهمُ في
بناءِ مُحيطٍ عامٍ لدولةٍ ما، ويتمُّ التّعاملُ مع أولئك الأفراد وفقاً للهويّة
الخاصّة بهم (3).
من خلال هذه التعريفات نجد أن هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر في تأكيد الهوية عند الافراد وهي: المجتمع، فهو يؤثر تأثيراً بالغاً على هوية الفرد من خلال البيئة المحيطة به، كذلك العائلة وسلوكياتهم فهي تؤثر في بناء هوية الفرد.
أما العامل الثاني فهو: الانتماء وهو مدى ارتباط الفرد بالمكان والهوية ماهي الا تعزيز لارتباط الفرد بمجتمعه وبيئته ووطنه.
القواسم المشتركة بين اللغة والهوية:
أثارت الهوية جدلاً فلسفياً بين كثير من الفلاسفة بدأ من هيغل حتى لايبنتز إلى فتغنشتاين الذين اعتبروا وجود الهوية الخالصة غير ممكن , فالهوية تتعلق باللغة والتي تفسرها على نحو أوضح , فالهوية تعتمد على الميول الثقافية التي تتغير مع الزمن ولكنها حاضرة من خلال اللغة وبعدها الاجتماعي والثقافي والسياسي , فالهوية هي مكان مركزي يوفر خطوطاً اجتماعية تقود الى قضايا معينة مثل المواطنة وغيرها. والأكيد أن الهوية تقوم على ممارسات مشتركة ومكررة كالحديث بلغة واحدة , وذكر د. فيصل الحفيان (2009م)القواسمَ المشتركة التي تجمع بينهما وهي كالآتي:
- إنَّ لكل من اللُّغة والهُويَّة خاصية إنسانيَّة، فاللُّغة بالمفهوم الذي أصَّلناه في فقرة سابقة؛ هي لغة الإنسان، لا يشاركه فيها كائنٌ آخر، وهذا شأن الهُويَّة، فما يجمع بين فصيل من الحيوانات أو سِرْب من الطيور أو نحو ذلك، ليس بالتأكيد هُويَّة.
- وهما أيضًا أوَّليتان، بمعنى أنَّهما قديمتان؛ وُجدتَا مع وجود الإنسان على هذه الأرض، وما الأسماء في حقيقتها إلاَّ نوع من اللُّغة التي تجعله قادرًا على التفكير فيما يحيط به، والتعامل معه، ثم إنَّ هذه العملية – عملية التعليم نفسِه لآدم – حدَّدت هُويته ومَيَّزته من غيره من المخلوقات، فهو كائنٌ مختلف يعرف ما لا يعرفون، ولديه خصائص ليستْ في غيره.
- وكلٌّ منهما كذلك كُلٌّ مركَّب، بلغة الفلسفة والمنطق؛ أعني: أنَّهما أشياءُ تندرج تحتها أجزاء، وهي أجزاء متداخلة لا يمكن فصلُ بعضها من بعض، اللُّغة تحتوي طرائقَ التفكير والتاريخ والمشاعر، وإرادة الناس وطُموحاتهم وشَكْل علاقاتهم، والهُويَّة أيضًا هي هذه العناصر في كُلِّيتها وتركُّبها.
- وهُمَا – إضافةً إلى ذلك – تاريخيتان، بمعنى أنَّهما محتاجتان إلى التاريخ أو الزَّمن حتى تتشكَّلاَ وتتعمَّقَا، وتأخذَا الأبعاد اللازمة، ولا يَتنافى هذا مع ما قُلناه من أنَّهما أوَّليتان، فأوليتهما يُراد منها الإشارةُ إلى ملازمتهما للإنسان، وتاريخيتهما تُشير إلى ما تحتاجانِ إليه حتى تنضجَا.
- ثم إنَّهما جمعِيَّتان، والمقصود من “الجمعيَّة” أنَّهما لا تعيشان داخلَ الفرد منعزلاً، إلاَّ في صورة ساذجة، لا تجعل منهما مستحقتَين لاسميهما.
وبناء على ذلك فاللغة والهوية هما منطلق لشيء واحد، فالإنسان بداخلة لغة وهوية
متمثلة بفكره، وانتماءه، وهما جوهره.
اللغة والثقافة والهوية:
تتقاطع الثقافات والعادات مع بعضها دون مقدمات وتحتل هذه مساحتها في حياتنا بشكل يعلن نفسه بشيء من النرجسية، فتجمعنا أخبار وتخيفنا الأخرى، يفرقنا خبر، ويسعدنا الآخر، هذه الثقافة العالمية الكونية التي تنقل لنا كل شيء دون تنقيح وتجعلنا نرغب بالتوقف عن اللهاث خلف هذه الجغرافية الهائلة والتي اتسعت مع التطور التكنولوجي المرعب، وفي عصر المعلومة السريعة السهلة، أصبح التداخل الثقافي وتضخم وتضارب المعلومات والأفكار وانتشارها بسرعة هائلة بحاجة إلى إعادة بناء مجتمعاتنا وعقول أبنائنا وحماية هويتنا ولغتنا ، ولكن كيف نحمي ثقافتنا ولغتنا وهويتنا ؟ وكيف يكون لدينا هوية خاصة مميزة ترتبط باللغة بمعنى تحمي النشاط الثقافي واللغوي والانساني؟ وما دور المثقف في هذه الحالة؟ هذه الأسئلة تحيلنا إلى ضرورة إعادة تعريف الثقافة؛ فهي حلقة الوصل بن أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم وطبقاتهم، لذلك هي مسؤولية كبيرة وعظيمة، فالثقافة واللغة هما الحلقة المكملة والمحافظة على الهوية. وتختلف الآراء والاجتهادات حول ماهية الثقافة، إلا أن أنها لابد أن تكون واضحة وتخدم الشؤون اللغوية ممتدة للهوية. ويكمن دور المثقف في هذه الحالة في ترجمة الصراع الدائر مع كل ما حولنا من ثقافات وأفكار وآراء، وذلك «بقلب الساعة الرملية في الاتجاهين» أي من الحدث إلى تفسيره، ومن الهوية إلى الانتماء. نحن في خندق واحد لحماية هويتنا وثقافتنا إلا أن المثقف هو من يعوّل عليه في التصدي لكل ما يمس ثقافتنا وتاريخنا ولغتنا، وقول الحقيقة وفضح الأكاذيب وكل ما علق بثقافتنا وهويتنا يتطلب التغيير بالقول أو الفعل، فهو مطلوب منه تفسير لمعنى أي مصطلح جديد يهمنا ويخدمنا مثل الهوية واللغة والثقافة حيث يفسرها تفسيراً حقيقياً وبموضوعية، فالتفسير الواضح والحقيقي هو المفتاح للمحافظة على هويتنا وأمننا الثقافي، ومن ثم وضع المساعدة في طرح الرؤى والاستراتيجيات لحلها. إن المثقف هو مرآة المجتمع وقلبه النابض، وإذا امتلك أدوات واقعية وفهماً واعياً للمجتمع ومعطياته والأحداث التي تسيره سوف يحدث التغيير بلا شك، إن أحد أسباب الدعوة إلى البحث في هويتنا ولغتنا هو التغيير والعولمة التي اجتاحتنا في عقر دارنا وإذا لم نتكاتف ونقف بوجه هذا الإعصار سيقتلعنا لا محالة، وسنفقد الكثير من ثقافتنا وهويتنا، فلو عشنا مع الماضي فهذا بالتأكيد ما ستكون عليه حياتنا في المستقبل، وتحطيم الماضي الذي يجب أن نعترف أنه انتهى وللأبد هو مطلب طبيعي لنعيش بتفتح ذهن وسلام داخلي حتى لا ندع تأثيرات الماضي تفسد جمال الحاضر والمستقبل، فالحالة الذهنية التي نعيش بها هي ما ترتكز عليها حياتنا؛ لذلك فالحفاظ على الهوية واللغة لا يتم إلا عندما يكون هناك علاقة متينة وقوية بيننا وبين ثقافتنا، وجعل الثقافة هي روح المجتمع بحيث تصل إلى كل أفراد المجتمع باستخدام جميع الطرق فهي مطلب ملح؛ لأنه ليس هدفاً ثقافياً فقط بل أصبح هدفاً حضارياً يحتوي على جوانب كثيرة اجتماعية ووطنية وسياسية. نحن نعلم بوضوح أهمية اللغة ومدى تأثيرها في حياة الإنسان، فعبرها تناقلت الأجيال الخبرات والمعارف والعلوم، وتراكمت خبرة الإنسان في تكييف وتسير الطبيعة في صالحه، وبواسطتها بنى الإنسان القديم: الأهرامات، والسفن الضخمة التي تمخر البحار، وسور الصين العظيم، وحدائق بابل، وغيرها من عجائب الإنسان القديم، وكذلك عبر اللغة، وتراكم العلوم والخبرات؛ استطاع الإنسان الحديث أن يصل إلى القمر، ويصنع الطائرات، والقطارات، والبواخر، ولا يكاد يمر يوم إلا وتظهر تحديات يكسبها الإنسان الحديث في المجالات: الطبية، والصناعية، والمدنية، والعسكرية، وغيرها.
“واللغة مثلما هي وسيلة للتمييز بين الأمم، فإنها كذلك وسيلة للتمييز بين الأشخاص والمفاضلة بينهم، ووسيلة للتمييز بين أبناء العصور والأزمنة المختلفة (4).
فالعالم أصبح قرية واحدة مترابطة العلوم والمعارف وأصبح الإنسان الذي يتحدث لغتين أعم وأوسع من الإنسان الذي يتحدث لغته الأم وكذلك الذي يتحدث ثلاث لغات وهكذا.
لقد عكفت المؤسسات التعليمية في أغلب دول العالم على تعليم الطلاب بجانب لغتهم الام لغة أخرى أو عدة لغات كاللغة الإنجليزية لأن لها اليد العليا الآن في العلوم والمعارف، وأيضًا لأن كبرى الجامعات وأعرقها تستخدم اللغة الإنجليزية كلغة رسمية فكل الأكاديميات الطبية تعلم الطلبة باللغة الإنجليزية وكذلك أقسام الرياضيات والمحاسبة والهندسة والأعمال ومعاهد الطيران وغيرها.
إذًا أصبح الإنسان الذي لا يتحدث سوى لغته الأم أو لا يتحدث اللغة الإنجليزية تحديدًا سيعاني من أحد أشكال القصور المعرفي، وسيفوته كثير من العلوم والمعارف التي لم يترجم منها سوى النزر اليسير، ومنذ القدم نشأت الترجمة بسبب تداخل العالم والشعوب، وقد أصبحت الترجمة العلمية والمعرفية والأدبية مجالًا يبرع فيه كثير من المتخصصين، وباتت الأمم التي تحرص على ترجمة مختلف العلوم إلى لغتها أممًا تحرص على مواكبة التقدم المعرفي والتقني. والعالم -كما نرى- في سباق محموم على الصعد كافة؛ المعرفية والعلمية والطبية والتقنية والعسكرية، وقد زادت حمى التنافس بشكل كبير منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبدايات الحرب الباردة، وكانت اللغة لاعبًا حاسمًا في حلبة كل صراع وتنافس، ولعلنا نذكر في هذا المجال دور الوصول الروسي إلى الفضاء في ستينيات القرن العشرين ما جعل الأمريكان يغيرون في مناهجهم الدراسية، ويكثفون بحثوهم المعرفية والتطويرية، فوسم ذلك التنافس بين الروس والأمريكان حقبة كاملة. وكان لهذا دوره في نشاط كبير للترجمة التي أدت إلى تغيرات ثقافية عميقة، لأن العلاقة بين اللغة والثقافة والهوية علاقة معقدة تراوح بين التقاطع والتداخل والتكامل، وقد عرف الفيلسوف الألماني هيغل الثقافة بأنها: مفهوم يحمل معنى واسعاً يمتد ليشمل كل ما ينتجه الإنسان، ابتداء من التقنية حتى الشعر بما في ذلك السياسة والدين والفلسفة ( (5
إن للثقافة محتويات ووظائف تختلف باختلاف الأطر الاجتماعية والاتجاهات الثقافية والمراحل التاريخية الخاصة بكل مجتمع، هذه المحتويات والوظائف يجب أن تكون واضحة المعالم وترتبط باللغة , حيث أن اللغة هي أداة الإنتاج الأولى وحاملة كل أوجه المعرفة والوعي لذلك لها تأثير على كل عناصر الثقافة والهوية، الثقافة وعناصرها بدورها لها دور في تعميق اللغة والهوية أيضًا، كذلك هي التي تحافظ على اللغة ومستوياتها السائدة في المجتمع. الثقافة لها دور كبير في تجذير الهوية ورسمها وربطها باللغة؛ لأن وسيلتها اللغة ولا يمكن فصلهما عن بعضها البعض، لأن اللغة هي الوعاء الذي يحوي الثقافة، وهي التي تحمل مفاهيمها المجردة طريقتنا في التصرف والإحساس والتفكير. فالثقافة لها دور مكمل للغة، وهي عالمية لأنها تصل لكل انسان , فكلما تطورت البيئة الثقافية كلما تغيرت واختلفت المفردات اللغوية وكلما تأثرت قيمنا ومعتقداتنا، لأن الثقافة تكتسب مع التطور الاجتماعي وهي مرتبطة بشكل كبير باللغة، ولما كانت الثقافة العالمية هي المسيطرة على ثقافة الغرب، وهي ثقافة تسلطية نتيجة شعورها بالقوة ونتيجة نفوذها السياسي، وتوافر وسائل الهيمنة عليها. كان يجب علينا أن نتصدى لها عن طريق الاعتماد على الذات، وتشجيع التعاون الأفقي بين شعوبها، ووضع اليات وطنية للاتصال للخروج من التبعية الثقافية والإعلامية. والمتعارف عليه أن المتغيرات الثقافية تظهر أولًا عبر اللغة، والكليات الثقافية تبقى ثابتة بمدى رسوخ اللغة، وبالتالي تحافظ اللغة على الهوية الثقافية. وإذا كانت اللغة هي البيت الكبير الذي يحوي الأشياء ويتفاعل معها , فالثقافة هي تلك التفاصيل الملموسة وغير الملموسة والتي تحدد له كيفية التعامل مع هذه الأشياء وكيف يستجيب لها , فالثقافة تبنيها اللغة وتزينها وتوجه مسارها , ولا يمكن أن نتغافل عن دور الثقافة وتأثيرها على اللغة , فهما معاً يشكلان لبنة من لبنات الوسط اللذان يعيشان فيه. فاللغة والثقافة علاقتهما متشابكة فاللغة دائماً تنتج ثقافة معينة
الحروب والهوية واللغة:
لقد أدت الحروب والمعارك عبر الزمن إلى التأثر اللغوي والحضاري في حياة الأمم والجماعات البشرية، ولقد كان لها التأثير البالغ في هوياتها. فقد كان التدوين ومازال طريقة الإنسان الوحيدة لحفظ تراكم الخيرات السابقة من المعارف والعلوم عبر الأجيال، وكلما نشأت حرب في مكان ما التهمت كل شيء بما في ذلك هذا الإرث الحضاري للإنسان، ولقد مرت على التأريخ البشري أكثر من مأساة أدت إلى إحراق آلاف السنين من الخبرات والمعارف والإرث الحضاري، كما حدث في العام 1258 م عندما اقتحم المغول بغداد وأسقطوها ثم قاموا بتدمير مكتبة بغداد العظيمة، التي كانت تضم ملايين الكتب النفيسة في الطب والحساب والعلوم وغيرها، في وقت لم يبتكر الإنسان آلات حديثة للنسخ والطباعة والتدوين، فذهبت حصيلة جيوش من المدونين والكتّاب والنسّاخ هباءً، لأن يد المغول أتت على هذه الخبرات (الكتب) ودمرتها، وحدث هذا أيضًا لمكتبة قرطبة، وغيرها كثير من المآسي الحضارية التي تسببت فيها الحروب، إذ لطالما كانت الحروب مؤثرة وناسفة للتاريخ الحضاري والإنساني.
ولقد أدت القوى الاستعمارية عبر الحروب دورها التخريبي، وعملت على سلب هويات الشعوب المستعمرة، مثل: فرض القيود على التدوين، أو منع الشعوب بالتحدث بلغتها الأصلية الشعوب في التعليم والتدوين والمعاملات الرسمية، وفرض لغة المستعمِر في المدارس والجامعات والمستشفيات حتى لم يجد أبناء الشعوب الأصلية بدًا من تعلم تلك اللغة المفروضة للعيش واكتساب المعرفة التي تساعدهم في تدبير شؤون معيشتهم، إن من ينظر اليوم لشعوب الأمريكتين (الشمالية واللاتينية) وشعوب أستراليا وآسيا وإفريقيا التي تتحدث الإنجليزية أو الإسبانية أو البرتغالية بعد عشرات أو مئات السنين من انتهاء الاستعمار يدرك جيدًا حجم التأثير الشديد والأثر البالغ للاستعمار في لغات الشعوب وهوياتها.
تحديات اللغة والهوية:
استشعرت الأمم والشعوب الخطر الذي بات يهددها في عصر العولمة والفضاء الرقمي المفتوح، أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسيلة حياة، وليست مجرد أدوات رفاهية مقتصرة على مجال معين أو شريحة معينة، وفي ظل التوجه العالمي نحو اقتصاديات المعرفة والتي تعتمد بشكل أساسي على التقنيات الحديثة لاستغلال المعرفة في رفع مستوى الرفاه الاجتماعي، أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسيلة بقاء في ظل عالم ضاج بالانفتاح الإجباري ومعياره هو القدرة التنافسية من أجل التقدم والبقاء في هذا العالم الطارد، إن لم تتغير أو تتبدل وتمتلك أدوات قوية تكون كمحرك لإحداث تغيير جذري وثورة حقيقية في نمط الحياة والتفكير، فـهويتنا مربوطة بحبل المرجعية الثقافية لنا والتي تؤثر على سلوكنا وكيفية تعاطينا مع كل ما حولنا , فالمواجهة الحالية بين مجتمعاتنا العربية والثقافات الأجنبية ذات العرض المغري للمواد الثقافية تكمن خطورتها بعدم استعدادنا لاحتواء هذا التدفق الهائل للمعلومات والثقافات الجاهزة العرض على فاترينة الشعوب العربية، حيث إنه لا توجد أي منتجات ثقافية ومعلومات تساوي ما تُصدّره البلاد الأجنبية لنا، والواقع أن ما يصلنا من ثقافات أجنبية جذابة وباهرة إلا أنها تخلو في محتواها الداخلي ما يتناسب معنا ومع ثقافتنا، فكان لابد من البحث عن طرائق جديدة ومبتكرة للحفاظ على اللغة والهوية، في ظل تحول العالم إلى قرية معولمة، وهذا لن يكون إلا من خلال مواجهة التحديات بطريقة ذكية واستيعاب كل تغيير حولنا، ففي ظل التحديات والمخاطر التي تحيق بالعرب ومحاولات تمييع الهوية العربية(القصدية والعفوية)، ومن خلال الحرص على تعزيز الهوية ، والانتماء الوطني، وضعت القمة العربية في الرياض سنة 2007م من خلال الإعلان الختامي الصادر عنها مسوّدة للعمل الجاد لتحصين الهوية العربية ، ودعم مقوماتها، عبر اللغة العربية التي تؤدي دور المعبر عن هذه الهوية والحافظة على تراثها (قمة الرياض 1428هـ)
وعلى ضوء ما سبق سأستعرض بعض أهم التحديات الداخلية والخارجية والمتمثلة بالآتي:
التحديات الداخلية:
- الاغتراب الثقافي والفكري بين اللغة وأبنائها، فاللغة تمرّ بأزمة حقيقية لابتعاد أبنائها عنها ونفورهم منها وشعورهم بالغربة من نحوها وقواعدها وإملائها حتى انزوت في بطون الكتب والمراجع التراثية المقصورة على الباحثين والأكاديميين.
التحديات الخارجية:
- تحدي العولمة: تسعى العولمة إلى الهيمنة والاحتكار لنمط عالمي واحد، مستغلة قوة العلم وانتشار التكنولوجيا، لذلك أصبحت اللغة والهوية بين فكي تسلط الثقافة الكونية مقابل الهوية واللغة المحليتين. فالهوية واللغة تواجه طوفان جدل التغيير من هيمنة النظام العالمي، الذي يرفض صياغة عالم متعدد الثقافات ويسعى لفرض اللغة الأقوى بحكم قوة الفعل الاقتصادي العلمي والتقني؛ لذلك نحتاج إلى تعزيز هويتنا ولغتنا لتتماشى مع الحراك الكوني، ولنجعلها تتحرك كالند، تملؤنا قناعة جدوى لغتنا وهويتنا، ولنجعلها تتفاعل بإيجابية وانسجام مع كل التغييرات والتحولات التي فرضتها العولمة على مجتمعاتنا. وقد ذكرت “حكيمة،2010” أن ثقافتنا وخصوصيتنا تتعرض إلى خطر كبير من جراء ظاهرة العولمة؛ إذ تمثل العولمة الثقافية أخطر التحديات المعاصرة للهوية العربية، وهذه الخطورة لا تأتي على الهيمنة الثقافية التي تنطوي عليها العولمة فحسب، وإنما على الآليات والأدوات التي تستخدمها لفرضها. ومن أهم تلك التحديات:
· الهيمنة الإعلامية.
· إثارة الشبهات حول الهوية العربية الإسلامية من خلال التشكيك في الثقافة العربية، ومحاولة طمس هوية مجتمعاتنا من خلال تجريد الموطن العربي من الثقافة العربية.
· الترويج لقوى عولمة الثقافة، والتركيز على نشر الثقافة الغربية، وجعلها النمط الثقافي السائد؛ بنشر مبادئه وقيمه من أجل النيل من خصوصية ثقافتنا العربية الإسلامية، وتدمير هويتها.
· الترويج للقيم والثقافات والسلوكيات التي أذابت خصوصيتنا الثقافية وهويتنا.
· تذويب الثقافة العربية الإسلامية من خلال نقل الثقافة الغربية، وخاصة الأمريكية، من خلال الصراع بين الاستيعاب والإذابة من جانب الثقافة العالمية، والخصوصية والاستقلال من جانب الثقافة العربية.
· فرض التبعية على الثقافة العربية الإسلامية (6) .
- التحدي التقني: بمعنى التطور التكنولوجي الكبير والسريع؛ فاللغات المستعملة في شبكة المعلومات (النت) والمهيمنة عليها هي اللغة الإنكليزية والفرنسية , أما اللغة العربية فمحتواها ضعيف وقليل جدًا أن نجد برامج أو تطبيقات باللغة العربية.
- التحدي المعلوماتي: يتمثل في التقدم التكنولوجي وتطور شبكات الاتصال
“ومع الثورة المعلوماتية وإمكانات ثورة الاتصالات الجديدة، اكتشف الإنسان المأزق. عرف أن زيادة السكان على الأرض تنمو بمتوالية هندسية, وأن المعرفة الإنسانية تتضاعف مرة كل 18 شهرا, وأن ثورة التكنولوجيا الجديدة تغزو جسده وترسم خريطة جينية تحدد مستقبله ( (7
وأصبح التنافس بين الدول قائم على مبدأ من يصنع المعلومة أولاً , ومن يستفيد منها , ومن ينشرها.
خاتمة
كيف يمكن للفرد المحافظة على هويته عبر اللغة؟ لا شك أن الثقافة تتمتع بأهمية
جوهرية في تأسيس القيم والسّلوكيات، وهو الأمر الذي يتطلَّبُ الاستمرار في تثبيت الهوية، لأن الثقافة هي إرث. والآن قد وصل العالم المتمدن إلى دور أصبحت فيه نزعة التجديد مسيطرة على جميع مظاهر الحياة. وصارت كل الأمور تتطور بصورة مستمرة وبسرعة هائلة، لم يسجل التاريخ لها مثيلا في حياة أي أمة من الأمم، وفي أي دور من أدوار الماضي القريب والبعيد. أصبح كل شيء يتجدد ويتطور بسرعة هائلة، تجعل هذه الأطوار شبيهة بالانقلابات الثورية التي تجرف كل شيء فلا تترك شيئا على حالته القديمة (8).
لذلك كان لابد أن نتصدى لها لإثبات هويتنا , ولكن من أخطر ما تفرزه أزمة الهوية في الفكر العربي المعاصر هو ما يمكـن تسميتـه بأزمـة الوعي Awareness crisis” ” وتبدو خطورة هذه الأزمة في أن الوعي شديد الارتباط بالهوية. والوعي هنا هو الصفة التي يملكها الجميع، ولا يستطيع أن يعبر عنها سوى القلة (9).
لذلك كان لابد من تأصيل الهوية وذلك لا يكون إلا من خلال اللغة التي تفضي إلى
تعزيز حضور منظومات القيم الفكرية والثقافية والاجتماعية التي تكفل لنا الانتقال
إلى المجتمع المدني المعتز بثقافته وهويته ولغته.
لذلك كان لابد من العمل على الآتي:
- لابد من أن نفكر باللغة كقضية سيادة والبحث في مستقبل اللغة وسط هذه التحولات والتغيرات.
- تعزيز الثقة باللغة وتقدير التراث العربي والـعناية به وإبـراز دوره في الحضارة الإنـسانية من خلال أمثلة واقعية.
- الحفاظ على التراث العربي واللغوي لن يكون إلا باستيعاب التقنيات الحديثة والاستفادة منها، وتطوير كل ما يسهم في الترويج للغة والهوية في الفضاء الكوني، وإثراء المحتوى الرقمي العربي.
- الأخذ بأسباب التقدم العلمي والتقني ومحاولة اللحاق بالركب، لأن هذا وحده ما سيجعل مجتمعاتنا تفك عقدة الاستلاب والتبعية، وبالتالي ستستعيد لغتنا وثقافتنا مكانهما المرموق بين الشعوب.
- غرس قيم العمل والإنتاج وحب المعرفة في الأجيال الناشئة، التي باتت تمتلك الكثير من الوعي ولا ينقصها إلا الدعم وإفساح المجال، وهذا سيصب في محصلة النقطة السابقة وسيسهم في تعزيزها.
توصيات:
- ضرورة تفعيل دور الجامعات والمؤسسات العلمية للاهتمام بالهوية واللغة وتشجيع المؤسسات والمراكز الخاصة بما يخدم الحفاظ على الهوية في عصر العولمة.
- مزاحمة ما يطرح في شبكة الانترنت بكل ما يمس الهوية , وتثقيف الشباب وحمايتهم , عوضاً عن أن يذوبوا في ثقافات أخرى.
- 3- ضرورة الانفتاح على الثقافة الغربية والاستفادة من تطورها العلمي وعمل مقارنة ونقل التجارب من خلال عمل برامج تضمن هذا الانفتاح على الآخرين من خلال انشاء مراكز ثقافية لتأسيس رؤية ثقافية , وعمل تبادل ثقافي بين المراكز الثقافية المختلفة.
- ضرورة دعم الدراسات العلمية والبحثية التي تهتم بالهوية واللغة.
المراجع:
- ابن جني, أبو الفتح.” الخصائص“، تحقيق: محمد علي النجار، ط عالم الكتب، بيروت. 1999م
- جماعة, محمد. “الهوية المتعددة الأبعاد”. المشهد التونسي، اطّلع عليه بتاريخ 3-11-2016. بتصرّف. (2012)
- 3- قافور , محمد. “إشكالية الثقافة العربية بين الأصالة والمعاصرة “.(1996)
- الملقى , هيام. “أصول الثقافة العربية” .القاهرة , دار المعرفة ,ص 22. (1990م)
- علي , نبيلز ” الثقافة العربية وعصر المعلومات” ص: 228.
( 2011 )
- بولعــشب , حكيـــمة.” تحديات الهوية الثقافية العربية في ظل العولمة” .أرنتروبوس: الموقع العربي الأول في الأنثروبولوجيا والسوسيوأنثروبولوجيا.(2010م)
- نجم, السيد .”أطفالنا والانتماء للهوية في عصر العولمة”.ميدل إيست اونلاين، http://abaalhasan.jeeran.com/archive/2008/4/521277.html
- الحصري،أبو خلدون. “آراء وأحاديث في العلم والأخلاق والثقافة”. مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت لبنان، 1985.
- الخميسي، السيد سلامة. “التربية وتحديات الإنسان العربي“، عالم الكتب، القاهرة 1988.
د. زينب إبراهيم الخضيري
في يوم اللغة العالمي في اليونسكو باريس
18-12-2018 م