كلنا نجلس في المنزل، منعزلين ولسنا معزولين عن العالم، تخلينا عن كل شيء حتى العمل الذي تربطنا به علاقة مصيرية، نعيش مرحلة تاريخية مختلفة وظروفاً غير متوقعة، ولأول مرة يُجمع البشر المفكر والمثقف والشيخ والراهب والسياسي والاقتصادي حول رأي واحد وهو ضرورة أن ننعزل ونجلس في المنزل، وفي الأزمات تظهر المعادن ويظهر الوجه الإنساني والحضاري للدول.
ومنذ بدأت أزمة فيروس كورونا كانت المملكة سباقة في وضع الاحتياطات وتطبيق حزمة كبيرة من الإجراءات، لك أن تتخيل الخسائر التي تتكبدها الدولة يومياً فقط بتعطيل الحياة العامة من عمل وغيره، فكل الخسائر تساوت أمام صحة المواطن وسلامة الوطن، وبالمقابل كان هناك تسهيلات على المواطن الذي أصبح هو الرقم واحد في اهتمامات الدولة كذلك المقيم يحظى بنفس الرعاية، والميزة النسبية للمملكة هي إدارة الحشود والأزمات حيث إنها منذ عقود دأبت على إدارة أكبر تجمع بشري وهو الحج والعمرة في الحرمين المكي والمدني، وتعريف الحشود في لسان العرب هو: “جماعة من الناس دُعُوا فأَجابوا مسرعين واجتمعوا في مكان واحد محدود نسبيًا، وفي زمن محدد، لإنجاز هدف وأمر واحد”. وهذه الحشود أو التجمعات كانت المملكة سبّاقة في إدارتها وحسن التعامل معها بأحدث الطرق الإدارية والتنظيمية.
واليوم في هذه الأزمة فيروس كورونا تقوم المملكة مشكورة بإدارة الأزمة بكل اقتدار، والأكيد أن الكل أبطال في هذه الأزمة وتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان العين الساهرة على الوطن، ونحن نتفرج على العالم ونقارن إدارة الأزمة في المملكة وفي أوروبا وأميركا نحمد الله على ما نحن فيه، والمواطن له دور كبير في أن يشكر الله أولاً، ثم حكومتنا الرشيدة التي تظللنا في هذه الأزمة كالأم الرؤوم، لذلك يجب أن نحسن التصرف ونتوقف عن بعض الممارسات السلبية التي يقوم بها البعض مثل التذمر الملاحظ في وسائل التواصل الاجتماعي من الجلوس في المنزل، كذلك انتظار وقت السماح بالخروج ثم الخروج دون ضرورة تستدعي ذلك، نحن لسنا معزولين عن العالم فبين يدينا العالم من خلال تطبيقات الإنترنت فكل ما تطلبه موجود، نحن في مرحلة صعبة وتكمن صعوبة فيروس كورونا في سرعة انتقاله وهذا هو الهدف من العزل والانعزال، نحن في نعم كثيرة وشكرها واجب ليس بالقول بل بالامتثال بالأوامر والشكر يجعلك تخرج من دائرة الأنا التي تحيطك إلى دائرة أوسع لتفكر بغيرك، قال تعالى “لئن شكرتم لأزيدنكم”.