في هذه الأجواء التي يعيشها العالم الآن وخطورة ما تواجهه البشرية أمام هذه الجائحة فيروس كورونا التي يتسابق لها العلماء ويعملون ليل نهار لإيجاد مصل وهي تحصد الأرواح يوماً بعد يوم، نعيش أياماً قاسية وصعبة، هذا القلق الكبير الذي نعيشه ونحن وراء الشاشات نقرأ وننتظر ونثرثر ونضحك على نكت يتم تداولها كل لحظة مقارنة بين عامي 2019 و2020م، وفيديوهات لمواقف تم تركيبها على وضعنا الحالي، ونحن نترقب أي خبر لننجو من هذا الفيروس العجيب، كل العائلات في منازلها، الحياة شبه متوقفة، التعليم عن بعد، الحياة العامة شاحبة جداً، وقصص نتداولها عن الموت كل يوم، السؤال الذي أطرحه الآن: كيف سنكون يا ترى في نفس هذا الوقت من العام القادم؟
بالتأكيد العالم قبل كورونا لن يكون هو بعد كورونا، فالتحولات ستكون حتمية لأن هذا الفيروس العجيب لامس كل مواضع الجرح في إنسانيتنا وفي النظام العالمي والرأسمالية التي تحتضر، ولا ننسى القيم والأخلاقيات والمعايير الثقافية السائدة التي كان لها دور في تشكيل الوضع الصحي القائم داخل المجتمعات الإنسانية، والآن يتفتح الذهن لتصور عوالم جديدة خلاقة، ترسم مشاهد وسيناريوهات محرضة للتفكير، وتساعدنا على الرؤية المحتملة للمستقبل القريب لكي نستطيع أن نواجه أي خطر محتمل ويكون لنا دور فعّال في صناعة وحماية مستقبلنا، فنحن نحتاج إلى تخطيط للمستقبل عن طريق غربلة وضعنا الحالي على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والإنساني والبحث في مواطن الضعف لدينا وتقويتها.
وقد يكون حالنا بعد سنة من الآن أفضل نظراً لطبيعتي المتفائلة لأنه سيكون هناك تغير اجتماعي وثقافي ووعي إنساني أعمق، سيكون العلم هو سيد الموقف، فنحن كان لنا دور في هذه الأزمة بأن نلتزم، وتعلم الالتزام سيخلق قيماً سلوكية وثقافية تماثلها، فبعد عالم ضاج بكل أنواع الحركة وضجيج الرغائب يصمت العالم أجمع في وقت واحد. هذا التناغم الإنساني سيترك أثراً كبيراً على جميع المستويات، فالفرد في هذه الأزمة ارتبط مصيره بالمجتمع، ولكل شيء مرتبط ببعضه لذلك عادة ما تخلف الأزمات وراءها الكثير من الخير وشرور طبيعية مثل العنصرية، انكماش البلدان على بعضها، تغير في القيم والمعارف والأهم غربلة الفعل الإنساني، قد تظهر مبادرات على مستوى الأفراد أو الدول، ستتغير خارطة العالم وستتشكل قوى جديدة وهي الدول التي أدارت الأزمة باقتدار، سيكون هناك عودة للذات الإنسانية والالتفاف نحو مصير العالم.