مداخلة مقدمة لمنتدى اسبار عن قضية “الصحافة الورقية توتر بين زمانين“
اعتاد “ويت بيرنت” أن يقول لتلاميذه في جامعة كولومبيا: “لا أعتقد أن بإمكانكم كتابة قصة قصيرة جيدة, دون أن يكون بداخلكم قصة جيدة, وأفضل أن يكون لديكم شيء تقولونه دون بناء فني, على أن يكون لديكم بناء فني دون شيء تقولونه”. وهنا يؤكد بيرنت على أن المحتوى في أي نص هو الأساس الذي يرتكز عليه وليس بناؤه الفني , و قياساً على موضوعنا أن المحتوى هو الأساس وليس الوسيلة حيث أن الصحافة الورقية , والرقمية هي قنوات تواصل تتغير بحسب طبيعة المجتمع وتطوره التكنولوجي والاقتصادي , حيث جمهور الصحافة في العالم الرقمي هو أنت , وأنا , وهو , وهي , ونحن , فالمتلقي يمارس في تلقيه للخبر أو المعلومة رفضاً وقبولاً , يتفاعل بشكل سلبي وإيجابي , يثري وينتقد , وهذا يؤكد لنا أن المتلقي يمثل مشارك ومساهم في إعادة انتاج نوع المعلومة أو الخبر , حيث يبني المتلقي رؤاه من خلال طرح محتوى عميق ومقنع وحيادي , فهو لا يتوقف عند قراءة النص المكتوب, بل يعيد انتاج النص من خلال ما استوعبه واختزله في عقله اللاواعي, حيث بشريتنا الجديدة في المجتمع الرقمي أصبحت مشتركة جداً ومليئة بالبدع، والأيديولوجيات الفكرية، والتنوع الثقافي، مما جعل الأمور تصبح أكثر تعقيداً فهذه التكنولوجيا الرقمية أصبحت مولدة للكثير من المشاكل والحلول في آن واحد، فنحن نسير على مسارات الذائقة الإنسانية وجمالياتها والتي تنطلق من بنى علمية وثقافية أساسها العلاقة المباشرة بالمضامين الاجتماعية الثابتة والمتحولة, والبنى الاقتصادية والسياسية ، والتحولات الرقمي حولتنا إلى مجتمع مختلف متلقٍ ومشارك ودور الصحافة سواء ورقية أو رقمية لن يختلف فنحن نبحث عن المحتوى, وأتفق مع طرح د.فهد في أن صناعة الصحافة قد تغيرت , وأن الحل ليس هو الدعم الحكومي بل إيجاد
وسائل أكثر فاعلية لاستمرارية الصحف الورقية حيث الصحافة تعيش بين زمانين
زمن كلاسيكي وزمن رقمي، فهي تعيش التوتر الآن , وأتفق مع د.فهد في اننا الآن نعيش عصر التكنولوجيا الرابعة وعصر الربوتات ولكن الذكاء الصناعي لا يفكر مثل الانسان. هو يولّد محتوى مثل الانسان ولكن لا يفكر مثله، وتوليد المحتوى مثل مقالات أو فيديو معتمد اساساً على المحتوى الذي أوجدناه نحن. ومع رياضيات وإحصاء واحتمالات يظهر شيء شبه جديد.
وربما د. فهد في مقالته الثرية خلط بين تطبيقات كثيره للذكاء الصناعي. يعني مثلا انتاج محتوى ما يعني أنه ابداعي. وإذا استخدمت الذكاء الصناعي للتنبؤ بشي مستقبلي ما يعني أمور خارقه، وهذا ما زال في نطاق الاحصاء والاحتمالات والرياضيات و ما زال يحتاج محتوى يقدمه الانسان. والحديث عن الذكاء الصناعي فيه مبالغة كبيرة بالنتائج، الواقع أن الذكاء الصناعي يتقدم والدول يجب أن تشتغل على التقنية و التطوير التقني ولكن نحتاج إلى تعريف ووضع مفاهيم ومقاييس للذكاء الصناعي الذي نستخدمه، والسؤال ما هو نوع التقرير الاخباري الذي سيكتبه الروبوت ؟
– الذكاء الصناعي يتقدم بسرعه ولكن الحديث عنه بالصحافة عباره عن تكهنات أو خيالات أو مبالغات مقارنه بالنتائج الحقيقية للبحوث.
والروبوت غير الذكاء الصناعي. الذكاء الصناعي برنامج له قدره أنه يتعدى حدود برمجته لأنه يعتمد على نموذج رياضي وليس على برمجه حرفيه لخطوات معينه. الروبوت هو آله ممكن تزود بذكاء صناعي وتصبح ذكيه أو ممكن فقط تكون آله تعمل أشياء و تحرك بناء على برمجه.
نعم هناك برامج تنتج مقالات ولكن حسب بحثي واطلاعي لم اقرأ عن بحوث تتحدث عنه و لا عن جودته. الذكاء الصناعي له تطبيقات بالصحافة ولكنه ليس بديل عن الانسان.
والتساؤلات التي أرغب أن اختم بها هي :
هل أنتم راضون عن مستوى الصحافة الآن وما يُطرح فيها ؟
هل أنت كمتلقي تثق فعلاً بصحافتنا وبما تنقله من أخبار ومعلومات ؟
وهل الآراء التي تطرح في الصحافة مقنعة على مستوى المعرفي والمنطقي ؟
وهل احتضار الصحافة الورقية الحالي وصيحة الاستنجاد من الأستاذ خالد المالك
والتي اشبهها بصيحة هتلر “الزبدة أو المدفع ” هي مشكلة الدعم أو أن هناك
مشاكل في عمق الصحافة أدت إلى هذه النتيجة ويخيل إلي أن صيحتة هي أعراض المرض وليس المرض الحقيقي ؟
وشكراً لكم
د.زينب إبراهيم الخضيري