الثقافة هي أثر وتأثير وتأمل، وهي محصلة لعمل وجهد وتجارب ومران، حيثُ تؤهّل الإنسان لتشكيل دور فعّال في البناء المعرفي للنسيج الاجتماعي الحضاري. وهي الحلقة التفاعلية الرابطة بين الإنسان ومحيطه، والإنسان والعالم الخارجي، وكذلك هي النافذة الأكبر والأشمل على الشعوب وهي القوة الناعمة في وجه المتغيرات السريعة، وقد ظهر مصطلح الدبلوماسية الثقافية، وهو مفهوم جديد، يمكن تأطيره بحسب الباحث السياسي د. ميلتون كاميلغز “إنها تبادل معلومات وأفكار وقيم ونظم وتقاليد ومعتقدات نحو تفاهم متبادل بين الشعوب”، بمعنى: التفاهم الثقافي. بينما يرى مدير المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات د. عبد الفتاح البلعمشي أن الدبلوماسية الثقافية “تتعلق باستراتيجية الترويج لثقافة البلد وحضارته في أحد أبعادها”.
وفي المملكة العربية السعودية تم تجسيد مفهوم الدبلوماسية الثقافية على أرض الواقع وعلى مستوى الثقافة والاقتصاد والسياسة والتعليم، وقد كان للمرأة حضور ودور مؤثر على جميع المستويات، وهذا المفهوم الحضاري للدبلوماسية الثقافية يقوم في أساسه على عنصرين: فكر التنوير ومعنى التلاقي الثقافي العالمي المبني على جوهر التسامح والمرونة والإيجابية، وهو مؤثر في حياة الناس وثقافتهم وتبادلاتهم المعرفية والإبداعية.
وحيث إن الدبلوماسية السعودية دبلوماسية مرنة عمادها التفاهم والاحترام المتبادل، كانت روح الدبلوماسية السعودية هي الدبلوماسية الثقافية، التي يمكن تصنيفها بوصفها قوة ناعمة، ركزت عبر القنوات الدبلوماسية التقليدية وغير التقليدية على طيف بشري اجتماعي أكثر تنوعًا أشرك عنصري المرأة والشباب وجعلهما فاعلين ومؤثرين. وهذه الدبلوماسية الثقافية كان أحد أشكالها أن جعلت المرأة سفيرة ومندوبة للمملكة في المنظمات الدولية، وكعالمة ومثقفة ومهنية ذات مستوى رفيع في شتى المجالات. وقد استطاعت المرأة السعودية منذ تأسيس المملكة، ولا سيما في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان أن تخطو خطوات تاريخية مشرّفة متناسبة مع ثقافة المجتمع ومتغيرات العصر ومستجداته. وبدعم القيادة الرشيدة وولاة الأمر كان للمرأة السعودية دور في التبادل الثقافي على المستوى العربي والدولي من خلال ما تقدمه وزارة الثقافة من مساهمة كبيرة لخلق قنوات تواصل مع العالم الخارجي وتغيير الصورة الذهنية للمملكة بما يتناسب مع ما نشهده من حراك اقتصادي وسياسي واجتماعي.