ماهي قصتك الخاصة؟

في هذه السنة أثبت الإنسان أنه أقوى من أي كارثة يمكن أن تمر به، أثبت أنه قادر على الخروج من أي أزمة تواجهه، وأثبت أنه سريع التكيّف في جميع الأحوال، فلا يمكن أن نتجاهل انعكاس ديناميكية الحياة على مظاهر النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي أثناء أزمة كورونا والتي بدأت غيومها القاتمة تنجلي، وهذه السنة كانت فرصة للكتاب والمبدعين ليتعايشوا مع الأزمة ولكن بطريقتهم الخاصة، ومن خلال ملاحظاتي على وسائل التواصل الاجتماعي والإصدارات التي نتجت جراء الأزمة، كانت الكتابة هي المتنفس للكثير من الكتاب والروائيين، الواقع أن لكل منا قصته، فهناك من لديه قصة يحكيها وهناك من يكتبها وينشرها، فالقصة تحكي حكاية الحجر والشلل في الحياة لأشهر، والخوف من الوباء وقصص الإصابات، قصص وروايات لم تتجرد من الزوائد والتفاصيل الصغيرة التي عايشها الكاتب أو سمعها ورآها، فكانت الحكاية هي العمود الفقري للوصف وهي شاهد على عصر الكورونا، فالبعض كتب عن حياتنا في زمن الإجبار وشعورنا غير الطبيعي واستمرارية تعايشنا معه، هذه التجربة التي بالتأكيد ستلقي بظلالها على كل شيء في العالم لا يمكن تجاهل أو تفادي آثارها حيث تؤكد “سيمون دو بوفوار” على: “إن كل تجربة إنسانية لها بعد سيكولوجي معين، وفي حين أن الفكر النظري يستخلص هذه الدلالات ويعممها على نطاق مجرد، نجد الروائي يحييها في تفردها العيني”، فالتجارب في الحياة لا تقينا حُمّى الوجع ولكنها تقوينا، فكلّ تجربة هي تجربة جديدة ومختلفة، ولكل مرحلة موعدٌ مع الإثارة والتغيير، فهي لا تتوقف عند زمان أو مكان أو حتى أشخاص بل هي دورة حياة مستمرة تنمو وتكبر داخل أرواحنا مثل باقي الأشياء، فالتجربة هي التي تصنع الإنسان، وحريّ بنا تعريض أبنائنا لتجارب ولو محاكاة لكي يستطيعوا التمييز والحكم واتخاذ القرار بناء على تجارب سابقة حتى لا يعيشوا بمشاعر مقصوصة الجناحين، فبعض التجارب تنجوا بنا من رحلة الحياة المملة، لأن التجربة كالنبوءة ليست وليدة حدث بل هي تختزل تاريخاً طويل الأمد من تَوق الحياة، وهي ركيزة التأمل وروح الأشياء، وهي تمثل الحدث في مشهدك اليومي، كقالبٍ نصب جمال أحاسيسنا به، لأن نشوة التجربة هي ما تجعلنا نستطيب السفر والتِّرحال والاختلاط بالآخرين، نستطيب الحب العفوي، لنصبح بشراً بلا زركشات أو مبالغات.

جريدة الرياض

0 0 votes
Article Rating
الإشتراك
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
للأعلى