هناك قوانين للحياة يجب أن نعرفها، فالحياة لا تمنع عنا ما نستحقه فعلا ولكنها تؤجل الأشياء لنا حتى تتأكد من استحقاقنا لها، وفي معركة الحياة الكثير منا لا يمتلك رفاهية الاستقالة من عمله والعيش لفترة من دون عمل للبحث عن نفسه وعن ما يحب من مهنة تتناسب مع قدراته وميوله، فالكثير منا يجهل كيف يكتشف نوع المهنة التي تناسبه فيظل بقية عمره في وظيفة أو مهنة لا يحبها ويشتكي منها طوال الوقت، وهذا ينطبق أيضا على المبدعين الذين غالبا ما يراقبون إبداعهم وهو يتبعثر منهم بسبب احباطاتهم وعدم وجود من يحتضن إبداعهم، ولكن كيف تكتشف أنك مبدع؟ الواقع أننا نعيش في هذه الحياة أدواراً مختلفة وأحياناً مختلطة على أمل انتظار القادم الأجمل فكلنا (بانتظار غودو) الذي لا يأتي، نظل ننسج الآمال والقصص والحكايات في فصول حياتنا بانتظار هذا الغامض الذي سيأتي ومعه خلاص لمشكلاتنا، باعتقادي أن (غودو) هو الإبداع غير الظاهر، حيث يعيش داخل كل مبدع درجة من الشغف بانتظار شيء ما، وهذه الدراما الإنسانية كفيلة بأن تدفعنا للأمام في الحياة، قرأت ذات مرة أن سقراط كان همّه اليومي هو التساؤل فقد كان يلقي أسئلة لا تنتهي على كل من يقابلهم، فهو يسعى إلى أن يتعلم من الآخرين ما كان يزعم أنه تعلمه، وهنا عدم ركونه إلى وجهة واحدة في التعاطي مع البحث الخلاق عن أجوبة لأسئلته الكثيرة عن الحياة جعلته مختلفا، فبداخله إنسان مبدع لا يهدأ، وهذا ما يجب أن نفعله، حيث الأغلبية منا يحب الحياة النمطية التي لا ينتج منها إلا شيء نعرفه جيدا ونخاف التغيير ونهرب منه غالباً، فمن الصعب على بيضة ما أن تتحول إلى طائر….! وسيكون مشهدا سخيفا إذا ما تخيلتها تطير وهي ما زالت بيضة…! نحن أيضا مثل هذه البيضة في الوقت الحاضر. ولا نستطيع أن نستمر على هذ الشكل فعلينا إما أن تفقس البيضة أو تفسد للأبد “سي اس لويس”. لذلك أهمية اكتشاف إيقاعنا الداخلي وجوهر شغفنا هو أساس للإبداع فكل واحد منا فريد في ذاته، فلا بد أن نسير وننصت للنعم الإبداعية ونعطيها حقها.

جريدة الرياض